المؤلف | سالم حميش |
القسم | التاريخ والجغرافيا والحضارة |
الحجم | 5.44 |
عدد الصفحات | 181 |
أن نفكر في القرن الثامن الهجري تحديداً (الرابع عشر الميلادي) كمرحلة منتكسة في النشأة القروسطية لبلدان المغرب الحديث، معناه أن نفكر فيه أيضاً كوعاء لآثار مستديمة ودالة، أو كدليل أركيولوجي تحوي معالمه عمقاً تاريخياً من حيث إنها تظهر وتعمل في زمن متواتر أو ذي ديموية مديدة، وهذه الآثار والمعالم يمكن أن تؤكد وتوصف بواسطة سيميائية تاريخية لنا أن نعرفها مؤقتاً بأنها موقف بحثي مهتم وحسّاس بعمل العلامات المكتوبة (الأنظمة الإيديولوجية، الخطابات) وغير المكتوبة (الممارسات الوقائع والمؤسسات). وهذه السيميائية لأنها تاريخية فهي مضطرة حسب رجاء فردينان دي سوسير، إلى الإقامة قبلياً في حضن الحياة المجتمعية والبحث هناك عن مادتها وغاية وظيفتها. إن حماية حَرَمِ العلامة من الحياة المجتمعية يعني حرمانها من مجال تمظهرها واعتمالها الطبيعي، كما يعني ذلك أن السيمائية إن هي إلا ميدان معرفي صوري لا يستعير شيئا من العالم، وبالتالي لا يقول شيئاً عنه. "إن اعتبرنا الطقوس والعادات .. إلخ كعلامات فإنها ستظهر في نور نهار آخر ". غير أن هذا النور الآخر الذي هو السيميائية لا يكون له قيمة إلا بقدر ما يكشف في حقل الحياة التاريخية نفسها عن علاقات وتركيبات عميقة دالة. إن معرفة القواعد التي تدير الممارسات الدالّة وتربط بينها لهي المهمة الرئيسية للسيميائية كمادة ما وراء الألسنية. وبالتالي فالعلامة، كل علامة، يكون لا استقلالها إلا ظاهرياً ونسبياً، إذ إن جوهرها المصنوع والاتفاقي ووظيفتها الحقيقية ينحدران أساساً من موضع تجذر يلزم دوماً إظهاره وتحديده.