من مقدمة الكتاب
من الآخر إلى الذات: دراسات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة والفكر الفلسفي العربي المعاصر – حسن مجيد العبيدي .. هذا الكتاب الذي أضعه بين يدي القراء فضلاً عن الدارسين للفكر الفلسفي، إنما كتبت أبحاثه في فترات متباعدة بعض الشيء قسمته على قسمين رئيسيين، إلا أنه يجمعها جامع واحد ومنهج واحد وهدف محدد هو قراءة الفكر الفلسفي الغربي الحديث والمعاصر (الآخر) وقراءة الفلسفة العربية المعاصرة (الذات) في تعاملها مع موضوعات ذات طابع إما تراثي أو معاصر، من منظور مختلف. ولأن الآخر والذات من الموضوعات المتقابلة منطقياً كما يرى أهل المنطق، لا بد من تحديد معنى الذات كي يتضح معنى الآخر.
يعرف اللغويون معنى الذات بأنها ما يصلح لأن يعلم ويخبر عنه. و”ذات: الشيء: نفسه وعينه وجوهره. أما الفلاسفة وأهل الاصطلاح فإنهم يحددون الذات، بأنها: ما يُقوّم به غيره، سواء كان قائماً بنفسه كزيد في قولنا: زيد العالم، أو كان غير قائم بنفسه كالسواد في قولنا رأيت السواد الشديد. كما تطلق لفظة الذات على الماهية بمعنى ما به الشيء هو هو، ويراد به حقيقة الشيء ويقابله الوجود/ من هذا يتبين أن الآخر هو غير الذات، ولكنه قد ينعكس فيها ويتمظهر بمظاهر عدة.
من هذا يتضح ان موضوعات الكتاب التي ندرسها ما زالت تشكل حيوية في البحث الفلسفي إلى يومنا هذا، إذ ما زال البحث في موضوعات المعرفة الإنسانية والعالم هي أحد أهم موضوعات التفلسف الحقيقي في أي فكر فلسفي. ولهذا جاءت أبحاث هذا الكتاب في قسمه الأول تدرس هذه الموضوعات وغيرها، وتكشف عن بنية الفكر الفلسفي في العلاقة بين المعرفة الإنسانية ووجود العالم، الذي أنهمت به الفلسفة الحديثة والمعاصرة.