مدرسة فرانكفورت، نشأتها ومغزاها، وجهة نظر ماركسية – فيل سليتر
تأسست مدرسة فرانكفورت للبحوث الاجتماعية في عام 1923 في مدينة فرانكفورت الألمانية، على يد مجموعة من المفكرين النقديين الماركسيين، منهم ماكس هوركهايمر، تيودور أدورنو، هربرت ماركوزه، إريك فروم، برتولت برشت، فالتر بنيامين، وآخرون.
نشأت مدرسة فرانكفورت في سياق تاريخي واجتماعي مضطرب، تميز بصعود الفاشية في ألمانيا وإيطاليا، وبداية أزمة الرأسمالية العالمية. وقد سعى مؤسسو المدرسة إلى تطوير نظرية نقدية للمجتمع الرأسمالي، قادرة على تحليل أزماته وتناقضاته، وتقديم بدائل ثورية له.
ارتكزت نظرية مدرسة فرانكفورت على الماركسية الكلاسيكية، لكنها تجاوزتها في جوانب عديدة. فقد وسعت المدرسة مفهوم البنية الفوقية الرأسمالية ليشمل الثقافة والصناعة الثقافية، وركزت على تحليل دورهما في الحفاظ على النظام الرأسمالي وإعادة إنتاجه. كما انتقدت المدرسة المادية التاريخية الميكانيكية، التي ترى أن التطور التاريخي محدد بالبنية الاقتصادية وحدها.
من أهم المفاهيم التي طورتها مدرسة فرانكفورت:
- صناعة الثقافة: وهو مصطلح يصف إنتاج السلع الثقافية (الأفلام، والموسيقى، والبرامج التلفزيونية، والإعلانات، وما إلى ذلك) على نطاق واسع، بهدف الربح وليس التثقيف أو التسلية. وترى مدرسة فرانكفورت أن صناعة الثقافة تساهم في تزييف وعي الناس وتخديرهم، وتمنعهم من إدراك حقيقة وضعهم الاجتماعي.
- الشخصية السلطوية: وهي نوع من الشخصية يتسم بالخضوع للسلطة والرغبة في ممارستها على الآخرين. وترى مدرسة فرانكفورت أن الشخصية السلطوية هي نتاج التربية في المجتمع الرأسمالي، الذي يشجع على المنافسة والتسلط الفردي.
- العقلانية الآلية: وهي نوع من العقلانية التي تركز على الكفاءة والإنتاجية، وتتجاهل القيم الإنسانية الأخرى مثل العدالة والحرية. وترى مدرسة فرانكفورت أن العقلانية الآلية هي سمة مميزة للمجتمع الرأسمالي الحديث، وقد أدت إلى تشيؤ الإنسان وتحويله إلى مجرد آلة إنتاج.
ساهمت مدرسة فرانكفورت في تطوير العديد من المجالات الفكرية، بما في ذلك علم الاجتماع، والفلسفة، والدراسات الثقافية، والنقد الأدبي. وقد أثرت أفكارها على العديد من الحركات الاجتماعية والسياسية، مثل حركة الطلاب في الستينيات، وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، والحركة النسوية.
وجهة نظر ماركسية
من وجهة نظر ماركسية، فإن مدرسة فرانكفورت قد لعبت دورًا مهمًا في نقد المجتمع الرأسمالي وتحليل أزماته وتناقضاته. ومع ذلك، فإن مدرسة فرانكفورت قد تعرضت لبعض الانتقادات من قبل الماركسيين، الذين يرون أنها قد بالغت في أهمية الثقافة والصناعة الثقافية في الحفاظ على النظام الرأسمالي، وأهملت دور البنية الاقتصادية.
كما انتقد بعض الماركسيين مدرسة فرانكفورت لتشاؤمها وتشاؤمها بشأن إمكانية التغيير الثوري. ومع ذلك، فإن مدرسة فرانكفورت لا تزال تحتل مكانة مهمة في الفكر الماركسي، وقد ساهمت مساهماتها في تطوير النظرية النقدية للمجتمع الرأسمالي.