في كتابه “دراسة للتاريخ”، يقسم أرنولد توينبي الحضارات إلى إحدى وعشرين حضارة، اندثر معظمها ولم يتبق منها في زماننا الذي نعيشه سوى خمس حضارات هي المسيحية الغربية، والمسيحية الأرثوذكسية، والإسلامية، والهندية، والشرق الأقصى.
يعتمد توينبي في تفسيره لنشأة وتطور الحضارات على نظريته الشهيرة الخاصة بـ”التحدي والاستجابة”، والتي يعترف بأنه استلهمها من علم النفس السلوكي، وعلى وجه الخصوص من كارل يونغ. وفقًا لهذه النظرية، تنشأ الحضارات عندما تواجه مجموعة من الناس تحديًا جديدًا يتطلب منهم تطوير استجابة جديدة. إذا كانت الاستجابة ناجحة، فإنها تؤدي إلى نمو الحضارة وتطورها. إذا كانت الاستجابة فاشلة، فإنها قد تؤدي إلى انهيار الحضارة.
يقسم توينبي مسار الحضارة إلى أربعة مراحل:
- التحدي والاستجابة: هذه هي المرحلة الأولى من حياة الحضارة، حيث تواجه مجموعة من الناس تحديًا جديدًا وتتطور استجابة جديدة له.
- النمو والانتشار: في هذه المرحلة، تنمو الحضارة وتنتشر إلى مناطق جديدة.
- الانحدار والانهيار: في هذه المرحلة، تبدأ الحضارة في التراجع، وقد تؤدي إلى انهيارها.
- التراث: هذه هي المرحلة الأخيرة من حياة الحضارة، حيث تترك خلفها إرثًا من الثقافة والحضارة.
يعتقد توينبي أن الحضارات لا تموت تمامًا، بل تترك وراءها إرثًا يستمر في التأثير على الحضارات التي تليها.
فيما يلي بعض الأفكار الرئيسية التي طرحها توينبي في كتابه “دراسة للتاريخ”:
- الحضارات هي كائنات حية: تنشأ وتتطور وتنهار الحضارات بنفس الطريقة التي تنشأ وتتطور وتنهار الكائنات الحية.
- التحدي والاستجابة: هو المحرك الرئيسي لتطور الحضارات.
- الحضارات ليست متساوية: هناك اختلافات كبيرة بين الحضارات في قدرتها على التكيف مع التحديات الجديدة.
- الحضارات تترك وراءها إرثًا: يستمر إرث الحضارات السابقة في التأثير على الحضارات التي تليها.
لا يزال كتاب “دراسة للتاريخ” مؤثرًا حتى اليوم، حيث يوفر إطارًا مفيدًا لفهم تطور الحضارات البشرية.