جاء نسخ القرآن لعدة نسخ بعد أن دخل الإسلام ملايين الناس وتعاقبت الأجيال بعيداً عن تأثير كتاب الله. فكان البديل تشريعات بشرية هي خليط من كل ديانة ومعتقد كان يدين بها الناس في البلاد التي استولى عليها المسلمون في الربع الأول من القرن الهجري الأول، والتي عرفت طريقها لتكون التراث الإسلامي، لأن الناس لما دخلوا الإسلام ولم يعرفوا عنه سوى الشهادة والعبادات، لعدم وجود القرآن، أبقوا معتقداتهم السابقة. وجيلاً بعد جيل ظن الناس أن تلك المعتقدات إسلامية، فنسبوها إلى الإسلام على شكل أحاديث منسوبة إلى رسول الله، ولو كانت نصوصاً منقولة حرفياً من الكتاب المقدس لليهود أو المجوس أو الصابئة، أو أنها معتقدات وثنية أو خرافات وأساطير يونانية. ومع الأيام تحول ذلك التراث الهجين إلى ما يسمى بالفقه والتفسير والحديث، وتوارثه الناس على أنه شرع الله وإسلامه، وحورت معاني آيات القرآن الكريم لكي تتوافق مع التشريعات التي ابتدعها البشر. وقد أخبرنا جل وعلا بما سيحل بمن فعل ذلك يوم القيامة: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً. يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً. وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً (الفرقان:27-30). أما في الدنيا فقد سلط الله على المسلمين المحن والمصائب منذ قرون وبشكل فاق ما تعرض له بنو إسرائيل، لأن الأمتين تشابهتا في أنهما قد اختارهما الله لحلم أمانة الرسالة، وأودع فيهما كتابه. فاليهود قد أنزل عليهم الوحي على شكل توراة مكتوبة، والمسلمون على شكل قرآن كتوب، فيما كانت الأمم السابقة ينزل عليها الوحي مشافهة ولا يكتب. وقد اخفق المسلمون كما أخفق اليهود قبلهم في حمل الأمانة. فكان لزاماً أن يصيبهم ما أصاب اليهود، من تشتت وفرقة وخذلام ومهانة، وما حل بهم من المحن والمآسي، وستبقى هذه حالهم ما لم يعودوا إلى شرع الله أو يقيض الله لشرعه من يتشرف بحمل مسؤوليته من شعوب أخرى. هذا هو الموضوع الذي يدور حوله الكتاب، والذي يحتوي على اثني عشر باباً وخاتمة وملاحق، يتعرض الباب الأول إلى مفهوم الدين بشكل عام، وأن كل الأديان الموجودة بين الناس الآن قد تحدرت من دين واحد، حتى ما تعارفنا على نعتها بالأديان الوثنية، ليس فقط في التشريعات، بل وفي النصوص المنزلة بواسطة الوحي. لأن هنالك نسخة أصلية واحدة لهذه النصوص محفوظة بآلية لا نعرفها، سماها القرآن اللوح المحفوظ، وأم الكتاب، والكتاب المكنون، وكلها أرسل رسول من الرسل نزلت عليه نسخة من تلك النسخة الأصلية. وفي الباب الثاني استعراض لمواقف بعض الأمم السابقة و الذين ذكرهم القرآن العظيم للتدليل على أن مواقف الناس من الدين واحدة في كل مكان وزمان منذ خلق الله البشر على هذه الأرض. وبيان أن الدين كان واحداً عند بدء الخليقة ثم تحور إلى عقائد فاسدة جيلاً بعد آخر، فبعث الله الرسل تتراً لإعادة الناس إلى صافي العقيدة والدين الأول. لكن الطبائع البشرية الواحدة كانت تتشابه في مواقفها من الرسل، مهما كانت متباعدة عن بعضها في المكان والزمان، ولذلك تشابهت النتائج والنهايات. والباب الثالث يستعرض مثالاً حياً لتحول الناس عن الدين، تحدث عنه القرآن، والمتمثل في سيرة بني إسرائيل وموقفهم من الدين أثناء حياة موسى، وبعد رحيله عليه الصلاة والسلام، وكيف عذبهم الله بذنوبهم على مر العصور، ولم يهلكوا بحادثة واحدة كما الأمم الأخرى. ويتحدث الباب الرابع عن شخصية محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه كان بشراً سوياً لا يختلف عمن سواه من الناس في المشاعر والأحاسيس والتصرفات والخطأ والنسيان، ولكنه أكثرهم مسؤولية حيث اختاره الله سبحانه وتعالى ليكون رسولاً له لتبليغ الدين للناس، وذلك بعد أن خضع لبرنامج إلهي للتأهيل النفسي والبدني ليكون قادراً على تحمل أعباء الدعوة. والباب الخامس يستعرض موقف الناس ن دعوة محمد، في يثرب: اليهود والأوس والخزرج، وفيه خيبر، ومثله الباب السادس الذي يتحدث عن موقف الناس من الدعوة في مكة والطائف وبقية قبائل جزيرة العرب، وكيف أن سنة الأولين جرت على مواقف أولئك الناس من الإسلام بشكل مطابق تماماً لمواقف الأمم السابقة من رسلهم، وكيف كانت نهايات كبراء اليهود وقريش والطائف والقبائل العربية مطابقة لنهايات تلك الأمم أيضاً، وإن اختلفت أسباب الهلاك. والباب السابع يتطرق لحياة من أشهر إسلامه زمن رسول الله، والذين أطلق عليهم في عصور لاحقة مسمى “الصحابة”. وكيف أنهم لم يكونوا على درجة واحدة من التمسك بالدين، وأن محاولة بعض المؤرخين المسلمين تنزيههم من الخطأ والقصور تجريداً لهم من إنسانيتهم، مع التدليل على ذلك بما قاله القرآن عنهم. ويتحدث الباب الثامن عن دولة الإسلام في صورتها النهائية التي تركها عليه رسول الله عند وفاته، وبعد اكتمال التشريعات الإلهية باكتمال نزول القرآن، والركائز الأساسية التي تقوم عليها تلك الدولة، ومن ذلك طريقة الحكم التي تختلف عن كل نظم الحكم التي عرفها العالم، قديمه وحديثه. ويظهر الباب التاسع المخصص للحديث عن عصر الخلفاء الراشدين، كيف بدأت العثة تنهش في جسد الدين وتشريعاته بدءاً من اللحظة التي توفي فيها رسول الله، وكيف أن اختيار حاكم لدولة الإسلام قد هدم أول ركيزة قامت عليها دولة الإسلام، وكيف أن حروب الردة والفتح ليس فقط ساهمت بالقضاء على ضوابط الجهاد التي أقرها القرآن وأعادت الناس لعادات الحروب الجاهلية، بل وهيأت بيئة مناسبة لظهور مبادئ التشريعات البشرية على أيدي من عرف بالفقهاء فيما بعد، وتبنى ثقافات متنوعة وإدخالها ضمن التراث الإسلامي، مع ابتعاد تأثير القرآن على المجتمع وانحساره في تراث المسلمين الديني. ومما سيعرض له هذا الباب، فتنة عثمان وكيف ساهمت في تحول الناس أكثر عن الدين، ومثلها الحروب التي دارت بين علي بن أبي طالب ومعارضي توليه الحكم، وكيف تحت الباب على مصراعيه للحكام لكي يستولوا على الحكم بقوة السلاح واستسهال قتال المسلمين وقتلهم. كما سيتعرض هذا الباب إلى نسخ المصاحف أيام عثمان وكيف أنه تأخر كثيراً، وكيف أن هذا التأخر ساهم بشكل كبير في دخول معتقدات من الديانات الأخرى، لتراث المسلمين ونسبتها إلى الإسلام. وهناك فصل خاص للحديث عن البيئة التي أوجدت المناخ المناسب لنشأة ما يعرف اليوم بالفقه والتفسير والحديث، التي بواسطتها دخلت المعتقدات الغريبة إلى التشريعات والتراث الإسلامي وانتسابها إليه. كما أن هناك فصل خاص للحديث عن البيئة التي أوجدت المناخ المناسب لنشأة ما يعرف اليوم بالفقه والتفسير والحديث، التي بواسطتها دخلت المعتقدات الغريبة إلى التشريعات والتراث الإسلامي وانتسابها إليه. كما أن هناك فصلاً آخر يتحدث عن ترجمة القرآن إلى اللغات الأخرى ونشاط الدعوة التي يقوم بها المسلمون بين المسلمين وغير المسلمين لجذبهم إلى الإسلام، وكيف أنها تروج لإسلام مذهبي وليس للدين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم. وفي الباب العاشر يتم التعرف على عصر بني أمية، ثم التعرف على عصر صدر بني العباس في الباب الحادي عشر، لتكتمل بهما صورة أوضاع المسلمين الحالية التي استبعدت التأثير القرآني من حياتهم وتشريعاتهم، وعرفت الفقه وتقديس تشريعات الفقهاء، والحديث وتقديس الأخبار المنسوبة إلى الرسول، والتفسير وتمكين الخرافة والأسطورة كجزء من العقيدة. إضافة إلى تسلط الحكام، واستغلال تشريعات الفقهاء للقضاء على المعارضين والمنتقدين السياسيين، وتحول المجتمع المسلم من حقل مزروع فيه نوع واحد من المزروعات، لا اختلاف بين نباتاته، كما أراد الله لهم أن يكونوا، إلى طبقية منتنة، تبوأ الحكام ومن حولهم قمتها مسيطرين على كل مداخيل الدولة، بعد أن حولوها إلى ملك شخصي لهم، وطبقة من المواطنين محرومين من أبسط حقوقهم وكرامتهم، يعيشون على التسول بالكلمة والجسد لمن يدفع لهم ما يسد رمقهم. ويلخص الباب الثاني عشر النتائج التي ترتبت على تحول المسلمين من دين الله وكيف أثرت في حياتهم ومعاشهم وموقف الناس منهم وتعاملهم معهم. ليأتي بعد ذلك ختام الكتاب بالتأكيد على أن ما يعيشه المسلمون من ضياع وتشتت ومهانة وضعف وفقر وجهل وتخلف، هو نتيجة حتمية لتخليهم عن دينهم إلى تشريعات ابتدعوها من عند أنفسهم. وأن خلاصهم لن يكون إلا بالرجوع إلى الإسلام، إن هم رغبوا العزة في الدنيا والنجاة من النار في الآخرة. وقد ألحقت بالكتاب ملاحق قسمت إلى قسمين: القسم الأول لإعطاء أمثلة على التشريعات الفقهية، وكيف أنها تخالف ما ورد في القرآن. والقسم الثاني يعطي أمثلة على ما أدخله التفسير على دين الله من خرافات وأساطير. نبذة الناشر:حسب القرآن الكريم فإن وجود الإنساني على الأرض بدأ برجل وامرأة، ثم بعائلة صغيرة، ثم بمجتمع صغير. ويؤكد لنا القرآن الكريم أن ذلك المجتمع الأول كان يقوم على طاعة الله وإتباع دينه القويم الصافي، أو دين الفطرة، كما سماه: “فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” (الروم:30). ولكن ذلك المجتمع الأول توالد وكثرت أعداده وانتشروا على مساحات أوسع من الأرض، مكونين عدة مجتمعات. و مع الزمن نسي الناس بعضاً من الدين ودخلت عليه تشريعات غريبة عنه ابتدعها البشر وتمسكوا بها على أنها من دين الله.